تقنية الألفة 

Views: 3417

تقنية الألفة 

ما بين البناء والكسر

فيصل خالد الغريب

المستشار وخبير الاتصال البشري

@Dr_faisalkhaled

نموذج الاتصال البشري ، يعطيك تقنية فعالة ومباشرة في بناء العلاقات وهدمها …  مالذي يدعونا لبناء العلاقات ؟ ومالذي يقودنا لهدمها ؟

نبني العلاقات في الحالات التالية :

١- النفع المتبادل .

٢- النفع من طرف واحد .

وهذا النفع يكون دنيوياً أو أخروياً أو يجمع الإثنين معاً ، فتكون الصحبة والعلاقة مبنية على تحقيق مصلحة نافعة تتحقق بوجود العلاقة ، وتنتفي بانتفائها ، يقول صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” و ذكر ” اثنين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقى عليه ” .. ومن الصحبة النافعة ، صحبة المؤمنين للأخيار وأهل الفضل والأدب من الناس ، ومن تجمعك وإياهم منافع مشتركة بالمعروف .

وتهدم العلاقة في الحالات التالية :

١- الضرر المتبادل .

٢- الضرر من أحد الطرفين .

ويكون هذا الضرر دنيوياً أو أخروياً أو يجمع الإثنين معاً ، فتكون الصحبة إما جالبة لسخط الله وغضبه ، أو تعود بضرر شخصي لا يمكن تحمله ، كالإيذاء والحمق والسفه والجهل ونحوه ، قال تعالى ” الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ” فالفاضل لا يصحب من لا عقل له ، أو سيء الخلق أو النفعي المفجوع أو أهل الفسق والفجور من الصحب والأقربين ، ممن يكون في صحبته ضرر بيّن لا يتجنب إلا بهدم العلاقة .

وهدم العلاقة لا يعني الخصومة والعداوة ، وإنما تحييد عملية التواصل وتجميدها فيحدث انفصال مدروس دون بغي أو ظلم أو ضرر ، ومنها هجر مصادر الشر وبيئات الفساد والإفساد .

وهذه التقنية ، مفيدة في الكسب والتقوية و مفيدة في التنفير أو الكسر .. ونستخدمها هنا لتحقيق الخير كيفما استخدمت هذه التقنية .

لتحقيق الألفة مع شخص لا يعرفك ولا تعرفه ، كالمقابلات والاجتمعات وجلسات التعارف و التفاوض ونحوها ، وهي مكونة من ثلاث خطوات :

١- المطابقة .

٢- المجاراة .

٣- القيادة .

فالمطابقة وبكل بساطة ، أن تشابه الطرف المقابل في جلسته أو وقوفه بشكل متماثل تماماً أو معكوس كالمرآة المواجهة له ، وتمارس ذات الإيماءات والحركات الجسدية و العبارات والأساليب اللفظية وطبيعة مستوى الخطاب ، مع ملاحظة طريقة تنفس الطرف المقابل ، وإيقاعه النغمي أثناء التحدث .

و أيضاً مع التأكد من  أن لا تكون متصنعاً ولا مبالغاً ولا مباشراً في المحاكاة والتقليد و لاملفتاً للنظر نتيجة المطابقة المحفزة للانتباه .. بل كن منساباً سلساً هادئاً متدرجاً لكي تتغلغل إلى عقله اللواعي .. فينجذب إليك وهو لا يشعر .

أما المجاراة ، فينبغي أن تجاريه في مجمل اهتماماته ، فتتحدث عما يهمه هو و يستهويه ، فتشاركه أفكاره التي يبديها ، وتسايره في مستوى عرضه وموضمونه وعقله ، بغض النظر عن مدى عمق وسطحية الطرف المقابل .. في غير معصية لله تعالى .

القيادة ، هي مرحلة ما بعد الانسجام التام مع الطرف المقابل ، حيث أن مرحلة المجاراة ستعطيك الإشارة ، لجذب الطرف المقابل نحو هدفك أنت -وليكن هدفك إيجابي وصالح – فإذا تقبل مقدمات طرحك ، وظهرت علامات القبول ، حينها يمكنك قيادته نحو الإتجاه الذي ترضاه أنت .. ببساطة وسهولة وهو في غاية الراحة منك والسرور بك .

جربها مع أصدقائك وزوجتك وأبنائك و كل من تقابله أياً كان ، ولاحظ نجاحك في كل مرة .. وعكس ذلك يعني كسراً للألفة ، سواء بقصد أو غير قصد ، حيث يفقد البعض علاقاته الجميلة مع أشخاص رائعين ، بسبب استخدامه لتقنيات كسر الألفة وهو لا يشعر ، فكن حذراً من كسر الألفة مع محبيك ، ما لم تكن ترغب في كسرها فعلاً  مع من ترى ضرورة كسر الألفة معه .. حيث يمكنك إبعاد النفعيين والأشخاص السيئين ونحوهم .. ولكي تحقق نجاحاً في هذه التقنية ، أنت بحاجة أيضاً إلى معرفة لغة التخاطب الصحيحة ، وهذا سيكون في عرض معرفي آخر ، ولكن وبكل بساطة ، يمكنك بناء الألفة بالعبارات العاطفية العامة المبهمة وذات الاحتمالات المتعددة ، كمثل :

  • أنت رائع .
  • وكلنا نحب هذا .
  • وأوافقك فيما تقول .

 مع الابتسامة . ولكسر الألفة ، يمكنك استخدام لغة دقيقة وجافة كأن تقول  :

  • من قال هذا .
  • وكيف تثبت هذا .
  • ومتى حدث هذا .
  • وكم بالتحديد .
  • ومتى بالتحديد ، ولماذا ؟

وهي تساؤلات عقلية إذا جمعت مع حياد عاطفي أو شدة وتجهم وعبوس ، أو مع علامات تشير إلى التصيد و التشكيك  ، فستحقق نفوراً وكسراً للألفة ، وهي تهدم العلاقات بشكل سريع .

 قدمت لك هذه التقنية بشكل سطحي ومبسط ، وهي تحتاج منك إلى تدريب وتكرار ، ومهارة شخصية في المحاكاة والأداء .. وستستمع بتأثيرها المباشر على علاقاتك .. و أذكر قوله ﷺ ” إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون رواه الترمذي وهو صحيح .

وهذي تحية مني .. وتمنيات صادقة بعلاقات صحيحة ومتينة ورائعة كروعة أدائك في بنائها .. وإلى اللقاء .

Comments: 0