قد كنت تعلم
فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الاتصال البشري
@dr_faisalkhaled
عندما تتقدم في العمر – على شريطة ازدياد خبرتك وتجاربك وعلمك – فستدرك العديد من الحقائق الصادمة ، ومكمن الصدمة في كون هذه الحقائق سبق و أن اطلعت عليها أو تعلمتها في المدرسة أو سمعتها من بعض كبار السن ، ستشعر بالغبن في بعض فترات حياتك تجاه هذا الأمر بالذات .
لماذا لا نتعظ بغيرنا ؟! فالسعيد من وعظ بغيره ! و الجواب على هذا يكمن في أمرين رئيسيين :
- عدم النضوج العقلي .
- الثقة الزائدة في النفس .
يشكل هذان الحاجزان مانعاً إدراكياً ذهنياً تجاه هذه الحقائق المتكررة عبر الزمن ، فعندما نحتقر ثقافة المجتمع و تجارب الآخرين و النصوص العلمية الصريحة دون تمييز أو مراجعة وربط فعلي بالواقع الشخصي ، فإننا عادة ما نتقدم لاستكشاف في الحياة المجهول بغض النظر عن التحذيرات الواضحة .
أدوات التمييز العقلي تتشكل ببطئ شديد عبر التجربة الشخصية ، ولكن يمكن اكتسابها عبر البحث و الاطلاع و التدرب ، لذلك فإنك على قدر ندمك على ما مضى ، فإن هناك من تفوق عليك بشكل واضح وصريح في الحياة الدنيا و الآخرة وفقاً للنتائج الملموسة ، فلا تكن أنت موضع العظة والعبرة السلبية للعالمين .
وهناك أمر مهم فيما يتعلق بنوائب الدهر و ابتلاءات الحياة ، فإنك مهما فعلت، فلن تخرج عن دائرة القضاء و القدر خيره وشره ، الذي يمكن أن يضعك في أطر غير متوقعة ، وهذا لا تُذم عليه ما لم يكن لك يد صريحة فيه ، فالبلاء يحل بالمرء دون مقدمات أحايناً ، ولكن المهم هو أن تبقى على صلتك بالله تعالى فكل أمر المؤمن له خير في السراء و الضراء و حين البأس .
إن لذة الاستكشاف يمكنها تشتيت ذهنك في دهاليز الحياة المتشابكة ، وقد تغفل عن اللوحات الإرشادية لتجد نفسك تائهاً في أزقة مظلمة ، عليك فعلاً أن تتسلح بالمعرفة الكافية لخوض غمار الحياة الدنيا و إلا فإنك ستكون مجرد تائه حقيقي .