تعزيز السلم الاجتماعي

Views: 459

تعزيز السلم الاجتماعي

فيصل خالد الغريب

مستشار نظم العقل والاتصال البشري

@dr_faisalkhaled

www.FAISALKHALED.com 

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

في المجتمعات التي تعاني من اضطرابات اجتماعية أو بيئات غير مستقرة، يصبح ضبط السلوكيات السلبية ضرورة ملحّة للحفاظ على التوازن الاجتماعي وتقليل التوترات. هذه السلوكيات لا تقتصر على الأفعال العدوانية أو المخالفات القانونية، بل تمتد لتشمل أنماط التفكير والممارسات التي تغذي الانقسام، وتنشر الفوضى، وتضعف الروابط الاجتماعية، مما ينعكس سلبًا على استقرار المجتمع وبهجة الحياة فيه.

دوري في هذا السياق يتجسد في تقييد تلك السلوكيات، والحد من انتشارها، وتقليص البيئات الاجتماعية الحاضنة لها، عبر نشر المعرفة وتعزيز الوعي وتنمية الإدراك السلوكي. فالمجتمع الذي يتساهل مع التجاوزات ولا يعالجها بحكمة يفتح الباب أمام تفاقم المشكلات، مما يؤدي إلى انعدام الثقة، وانتشار الفوضى، وتدمير الشراكات، وقطيعة الأرحام. على العكس، فإن العمل على تفكيك الدوائر التي تغذي السلوكيات الضارة، وتعزيز بيئات قائمة على الاحترام والتفاعل الإيجابي، يحقق أثرًا واضحًا في استقرار المجتمع.

تحقيق السلم الاجتماعي: بين القوانين والثقافة المجتمعية

السلم الاجتماعي لا يتحقق بالقوانين وحدها، بل يتطلب جهودًا واعية لإعادة تشكيل البيئة الثقافية والاجتماعية، وتعزيز ثقافة المسؤولية الفردية والجماعية. ولذلك، فإن الحد من السلوكيات السلبية ليس مجرد إجراء تصحيحي، بل استثمار استراتيجي في بناء مجتمع أكثر تماسكًا، حيث تسود القيم الإيجابية، وتضعف مساحات الفوضى والانحراف.

قال رسول الله ﷺ: “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟” قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة.” صححه الألباني.

نشر الوعي كأداة لحماية المجتمع

المحتوى الذي أقدمه يصب في استراتيجية ممنهجة تخدم هذا الهدف، وتبني شبكة معرفية تستبق أي ضرر قد يهدد المحيط الاجتماعي. فمن خلال منظومة “كيف أتصرف؟” في صيغها المتعددة، أعمل على تقديم حلول تطبيقية دقيقة تلائم مختلف العقول والأفهام، وتجعل من الوعي أداة لحماية المجتمع قبل تفاقم المشكلات.

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

بشـاشـةُ وجـه المـرءِ خـيـرٌ مـن القِـرى *** فكيفَ بمن يأتي به وهو ضاحكُ

السلم الاجتماعي مسؤولية مشتركة، ولا يمكن أن يتحقق إلا عندما يصبح الوعي سلوكًا عامًا، والإصلاح نهجًا متبعًا، والتفاعل الإيجابي ثقافة مجتمعية ثابتة. فكما أن الفوضى تنشأ من تراكم التجاوزات، فإن الاستقرار يُبنى عبر التزام الأفراد بقيم الاحترام، والمسؤولية، وحسن التقدير في التعاملات.