دراج حقق أهدافه

Views: 3256

أنا دراج حقق أهدافه

8 يونيو 2018

فيصل خالد الغريب

المستشار وخبير الإتصال البشري 

@dr_faisalkhaled 

 www.FAISALKHALED.com 

مقدمة 

عزيزي .. هذا مقال توثيقي تاريخي لتجربتي في عالم الرياضة و الدراجات الهوائية على وجه التحديد ، وهي تجربة شخصية أحببت نقلها إليك بشفافية ، فقد تجد فيها ما يثير فيك تساؤلات ، فلا تترد في التواصل معي ، فهدفي هو النفع العام .

بدايات رياضية

الرياضة كواقع عملي ، هي جزء لا يتجزأ من حركة الإنسان ذاته وعياً ولا وعياً ، فالحركة في ذاتها نشاط رياضي غير مدرك ، إلا أن ما يندرج تحت الرياضة فعلياً لا بد و أن يكون ضمن برنامج واعٍ و منهجية محددة يمكن وصفها وقياسها ، فأول نشاط  رياضي شخصي مارسته في الطفولة ، كان إلتحاقي بنادي الجيل الرياضي في الأحساء لممارسة رياضة السباحة في مسبح رعاية الشباب في المدينة الرياضية بالهفوف و كنت حينها في المرحلة الابتدائية  ، ثم تنقلت بين رياضات عدة بعد سن البلوغ ، كالتنس الأرضي و كرة الطائرة و الكاراتيه وممارسة الدفاع عن النفس بعصا النونشاكو –  و مازلت حتى الآن – ثم انتقلت إلى رياضة رفع الأثقال ثم إلى بناء الأجسام و التي ترددت عليها كثيراً في حياتي من حين لآخر لزيادة الوزن ، ولدي نادٍ مكتمل خاص في منزلي لهذا الغرض فقط للحفاظ على حد أدنى من اللياقة و للتحكم في الوزن – زيادة لا نقصاً –  والمظهر ، وفي الثلاثينيات من العمر مارست الكيوكسل لبعض الزمن ، ولكنني قبل ذلك كنت قد اقنيت دراجة هوائية شبه احترافية وهي لدي منذ عام 2007م حتى الآن – 2018 م – وأظنها لبضع سنوات أخرى .

التجربة الاحترافية

كانت ممارستي لرياضة ركوب الدراجة من باب المتعة لا أكثر ، وعند محاولتي لإقناع أحد الأصدقاء بأهمية الرياضة و خاصة ركوب الدراجة الهوائية ، قمت بتجربة قيادة دراجة احترافية من باب الفضول ، فلم أترجل منها إلا عند باب منزلي بعد أن اشتريتها فوراً ودون تردد ، وتركت دراجتي القديمة في متجر الدراجات لأستعيدها في اليوم التالي .

تغيرت حياتي فعلياً عند اقتناء دراجة طريق احترافية وقضيت الساعات الطوال في تعلم كل ما يتعلق بالدراجات الهوائية من معرفة علمية على يد خبراء وممارسين سابقين ، حتى تضلعت معرفة ودراية بكل دقائقها وتفصيلاتها التي تعنيني كمتنقل و مترحل بالدراجة الهوائية .

كنت فيما مضى مهتماً بالتخييم على الطريقة الغربية وذلك منذ المرحلة المتوسطة و الثانوية وحتى الجامعية حيث كنت أقضي فترة الامتحانات في مخيم شخصي في البرية للاستذكار والهدوء النفسي بعيداً عن توترات المجتمع فترة الامتحانات الدراسية ، وبعد اقتناء الدراجة الاحترافية ، جمعت بين رياضة الدراجة و التخييم البري ، فكنت عادة ما أقود دراجتي خارج العمران للتخييم وسط الصحراء وحيداً .

مجموعة الدراجين

وفي عام 2016م تعرفت على مجموعات صغيرة تمارس رياضة ركوب الدراجة الهوائية هنا وهناك وهم بالعشرات ، فارتأيت بصفتي رجل أعمال أن أرعى مجموعة ما ، لتنشيط الوعي المجتمعي تجاه ثقافة ركوب الدراجة ، فلم أرد أن أكون نشازاً في المجتمع المحلي كمتنقل ومترحل بالدراجة ، فالفرق التطوعية كانت تتحرك في جماعات وضمن مسارات محددة مكانياً وزمانياً ، وهذا خيار لا يروق لي كمنفرد ، فسعيت حثيثاً لتحقيق هدف نشر الثقافة ، وكنت أستخدم الكاميرا لتوثيق تحركاتي ونشر أفكاري ، وخاصة وأن من ضمن تخصصاتي المجال الإعلامي ، مما حفز العديد حينها لإقتناء دراجة ، ولكن الفكرة تطورت لدي كما أسلفت لرعاية مجموعة تطوعية ما ، كانت الفكرة غير واضحة للعديد من الفرق في المنطقة الشرقية بما فيها الأحساء ، ولكنني وفقت في رعاية إحداها بنهاية 2016م رعاية إعلانية تطورت إلى إعلامية ثم رسمية لشمولها لعدد من خدمات التأسيس الإداري والتطوير والتخطيط الاستراتيجي حتى نهاية العام 2017م ، وتحضير الفريق لرعاة جدد يكملون المسير على ذات النهج المرسوم ،  و بلغ العدد بنهاية رعايتي للفريق أكثر من 900 دراج كلهم يجوبون الطرقات المحلية والدولية في رحلات بلغت آلاف الكيلومترات ، وكان هدفي الأساسي من الرعاية قد تحقق وهو ( نشر الثقافة )  مستعيناً بتقنيات واستراتيجيات الاقتصاد المعرفي و دوره في تحقيق أثر مادي ومعنوي على أرض الواقع ، يمكن مشاهدته وقياسه .. لقد نجحت بنسبة حققت 100٪ من هدفي خلال 14 شهراً فقط ، وهذا بفضل الله تعالى وحده جل في علاه ، ثم بفضل أعداد ضخمة من الدراجين المحبين و على رأسهم ، كل من الأستاذ عبدالله  المبرزي فقد كان مفتاح هذا العالم لي عندما قدم لي تجربة قيادة الدراجات الاحترافية  ، ثم الأستاذ ماجد التركي ، ذلك الإعلامي المحترف المحترف الذي يجيد لغة الإعلام أثناء تأسيس الاتفاق الأول لمجموعة الدراجين بصفته ممثلاً عن المجموعة ، و الأستاذ صلاح الملحم ، فقد كان شريك النجاح في كل خطوة من خطوات تطوير مجموعة الدراجين في طاقمها الأول و كان الأب الروحي للدراجين كما أسميه ، هذا الفريق الرائع بدأت معه وغادرنا جميعاً في نهاية المطاف عضوية مجلس إدارة دراج الأحساء و كنت آخرهم حتى بدايات عام 2018 حيث انتهت رعايتي للمجموعة وتغير فريق الإدارة ، ليحل فريق جديد ومن سيلونهم  ، فأشكر الفريق الأول على النجاح الذي تحق و أتمنى استمرار النجاح للفريق التالي ، وستتناوب القيادات جيلاً بعد جيل ، وهكذا هي سنة الحياة ، و يبقى الأثر الجميل ، وقد اكتسبت عشرات بل مئات المحبين و الأصدقاء من الدراجين من أهل الفضل والكرم والخلق الجميل الأصيل ، كمثل الصديق وشريك الرحلات الخلوية الضابط الجوي المتقاعد الكابتن مرعي فقيه عضو هايكنج الأحساء ، و رجل الأعمال الوقور كبير السن والمقام الأستاذ يوسف العلي ، و شريك تأسيس هايكنج الأحساء و مؤسس مجموعة نجوم الأحساء الشاب المتقد حيوية الأستاذ خالد المجنه ، والصيدلاني المهذب الأستاذ سالم الثويقب عضو هايكنج الأحساء ، وشريك رحلة الأسبوع الرسمي الدبلوماسي التعليمي السابق الشيخ أحمد الماص ، وأول مؤسس لفريق دراجات الأحساء الأستاذ محمد الدراج المتفنن في الجاريات ( الدراجات الثلاثية ) وقائمة طويلة ممن أحببت من أصدقاء وزملاء و محبين من الدراجين مما يضيق المقام عن ذكرهم وهم مني بمقام الإخوة في أخوية دراجي الأحساء .. فضلاً عن أولئك الذين هم من خارجها فليعذرني الجميع فليس قدركم عندي بذكر أسمائكم قصوركم موثقة في حسابي على انستقرام و عبر قناتي في يوتيوب لتبقى شاهدة على قربكم ، وفي كل يوم يزداد عدد أحبتي .

الرعاية النخبوية

في مطلع العام الحالي 2018م نقلت الرعاية إلى فريق تطوعي آخر يعتني بالقيمة المضافة للدراج ذاته ، حيث يتم التركيز على قدرات ومهارات الدراج ولياقته وصحته ، وهذا ما عليه الحال في لحظات كتابة هذه الأسطر ونحن بصدد التأسيس لنجاح جديد يمكن للجميع مراقبته ، و أملي أن يتشكل فريق تأسيسي قادر على حمل خطة التأسيس على عاتقه ، قبل هذا وفي بدايات عام 2017م دمجت ما بين رياضتي ركوب الدراجات الهوائية و الهايكنج ( الترحل على الأقدام ) وأسست مطلع عام 2018م أول فريق هايكنج في الأحساء و أعضاء الفريق كلهم دراجون ممارسون ، لم أكن معنياً بقيادة فريق فوقتي و واجباتي العملية قد لا تسمح ، ولكنني بالتأكيد قد وضعت اللبنة الأولى لبناء سيشارك الجميع في تشييده ، و الرعاية و التأسيس عمل عليك أن تخلصه لوجه الله تعالى ونفع المسلمين به ، فلا تنتظر حمداً ولا شكوراً و إن حصلت عليه و كُرمت به ، فإن الشخوص تزول و لا يبقى إلا أثر الفعل و العمل لك أو عليك .

على ثلاث عجلات 

اليوم أقود دراجة ثلاثية ( الجارية ) لترسيخ فكرة استخدام الدراجة كوسيلة نقل أصيلة كما كانت في السابق ، لقد أمضيت السنوات الأخيرة أدير أعمالي التجارية متنقلاً بين المشاريع على ظهر دراجة ، وعادة ما أسافر بصحبة دراجة أنقلها في سيارتي ، ولكي أكمل خطتي الاستراتيجية دعوت عدداً من المستثمرين للاستثمار في تجارة الدراجات الهوائية الاحترافية ، وتمكنت فعلياً من العمل على جلب إحدى الشركات الوكيل الحصري لأكبر العلامات البريطانية والأمريكية و الهولندية و التايوانية وغيرها ، وتأسيس أكبر صالة عرض وبيع للدراجات الاحترافية العالمية في المنطقة الشرقية في الأحساء على وجه الخصوص ، وهذا ما قمت به بصفتي مستشار تطوير أعمال استراتيجية خلال الأعوام القريبة المنصرمة في مجال بناء الوعي البيئي والصحي بل والاقتصادي عبر شيوع وذيوع ثقافة ركوب الدراجات الهوائية وسيلة النقل الأكثر صحية ، واللطيفة هنا أنني وبالتعاون مع ملاك شركة الدراجات هذه ، فعلّنا أول فريق دراجات ثلاثية لزيادة الوعي بوسيلة التنقل الجديدة هذه وقد وثقت هذه البداية الجماعية بفيديو سجل انطلاقتنا بالجاريات إلى وسط المدينة نحو سوق القيصرية التاريخي بالهفوف .

عالم الدراجين

الدراجين بشر يشكلون مجتمعاً إنسانياً ، لهم ما لهم و عليهم ما عليهم ، وعالم الدراجين لا يختلف عن عالمنا ، فالخير و الشر فيهم كما هو كل مجتمع ، ولقد حرصت على تأسيس هاشتاق #أخلاق_دراج ليكون إشارات مومضة في عالم الدراجين المغلق في مجموعات التواصل الاجتماعي ، هذا العالم فيه من النجاحات وصور الأخلاق الكريمة والشيم ، كما فيه من الحروب الشخصية وحب السيطرة و الإقصاء وتفكيك روابط الألفة و التعاون المشترك ، فهناك الباذل المعطاء ، وهناك النفعي المتسلق و المتملق ، هناك العالم و هناك الجاهل ، والرفيع و الوضيع ، والعاقل و السفيه الأحمق ، إنه مجتمع مختصر ، وعليك أن تنتخب لنفسك منه ما يوافق لمصلحة الدنيا و الدين ، ومختصر القول في نصحي للقيادات الجادة الصادقة و تلك النفعية المريضة ، هو قول الله تعالى ( وتعاونوا على البر و التقوى ، ولا تعاونوا على الإثم و العدوان ) و قوله جل في علاه ( وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ) لنحظى بيبئة سليمة وصالحة لخيري الدنيا و الآخرة .

إنني اليوم عضو فعال في عدد كبير من مجموعات الدراجين في المملكة ، وعلى صلة بحركة الدراجة على ثرى الجزيرة العربية ، أحببت الجميع كما أحبوني ، وقصرت مشاركتي وفاعليتي مع كل أولئك عبر نشاطي الثقافي و الاستشاري ، ولقد تلقيت و أتلقى الكثير من الدعوات من مجموعات الدراجين للغرض ذاته ، فشكراً لأحبتي على هذه الثقة الغالية ، مر حبين و راغبين في فقرتي ( على ظهر دراجتي ) الثقافي المنوع ، و ( رحلة الأسبوع ) وهي رحلات عفوية مشوقة للتحفيز و المتعة المشتركة .

أهداف و آمال 

وقريباً ستجوب آلاف الدراجات شوارع البلاد ) الأحساء ) وغيرها ، بتعاون وتضحيات كل من يتبنون هذا الهدف الإيجابي من رواد هذه الفكرة المجتمعية الحيوية ، فهم ينافحون ويكافحون في كل مكان في هذه اللحظات ، فلهم الشكر والتقدير ، إننا نتشارك الهدف ، و إنني مطمئن لأنني وجدت النجاح ملموساً ، ففي محيطي أكثر 1500 دراج اليوم ، وهم في ازدياد ملحوظ ، وفرق و مجموعات دراجات هوائية جديدة تنشأ من حين لآخر لتضم العديد من المدن و القرى في جميع الأرجاء ولهم دور فعّال في نشر هذه الثقافة الحضارية ،  أنا أتنقل بدراجة ، فماذا عنك ؟! .

نصائح ختامية 

1- الدراجة وسيلة لا غاية ، اختر النوع وًالراز الذي يحقق أهدافك الشخصية ولا تلتفت للآراء غير العلمية و العملية في تحديد احتياجك أنت .

2- لا تقلد الآخرين ، فكل يقوم بالدور الذي يناسبه سلوكياً ، ولكن ابحث عن المتميزين في مجالهم و قم بمحاكاتهم فيما يميزهم فقط وتميز أنت بشخصيتك ، كن مستقلاً ولا تكن إمعة .

3- على قادة المجموعات أن يحرصوا على إبراز القيم الجماعية ، والبعد عن التحزبات والتحريضات ، ومد يد العون للمجموعات الأخرى و المشاركة في تحقيق الأهداف العامة للدراجين .

4- المجموعة تقدم خدمتها للفرد العضو فيها ، وعلى قادتها أن يدركوا مسؤلياتهم المهنية و الأخلاقية تجاه الأعضاء و المجتمع و أن لا يستغلوهم لغير أهداف المجموعة المعلنة للجميع ، إن كنت قائداً فلا تحرض على شن حروب اجتماعية مع مجموعات أخرى وأفراد اعتباريينو غير اعتباريين فهذه خيانة للمجتمع ، كن صادقاً وعزز التماسك المجتمعي .

5- يحق للدراج اقتناء دراجة من أي علامة تجارية أراد ، ولا ينبغي تصنيف الدراجين وفق العلامات التجارية التي يقتنون ، فالناس أحرار في مقتنياتهم الشخصية ، والأذواق البشرية متعددة ، لنركز على الشراكة في الهدف و ليس الاختلاف في نوع الدراجة .

6- يحق لك كدراج حر اختيار المجموعة التي تناسبك في توجهاتها وأهدافها ورسالتها ، ويمكنك الاشتراك في أكثر من مجموعة وفقاً لبرنامج الشخصي وأهدافك المستقلة ، إياك أن تتعصب لمجموعة ، فالكل إخوة والهدف العام واحد لدى الجميع .

7- تخلص من المجموعات السلبية أو تلك التي قد تفسد عليك دينك أو حياتك الاجتماعية ، أنت شخص حر وقرارك بيدك .

8- لا تخض في جدليات وتجنبها ، وركز على هدفك الشخصي من وجودك في مجموعة ، مالم يكن دورك قيادياً وتملك القدرة على التأثير والتغيير الفعلي لوجود إمكانيات أو سلطة من نوع ما ، لتحقيق منفعة راجحة ودرء مفسدة ظاهرة لا يمكن التغاضي نعها .. والصمت حكمة وقليل فاعله .

9- عزز السلوك الإيجابي في محيطك عبر ممارسته ، لست مضطراً للكلام فعلك سيفي بالغرض .

تذكر بأنك ضمن أسرة ومجتمع محصور ، فقل خيراً وافعل خيراً وسؤثر هذا على من هم حولك وستشكلون ظاهرة أخلاقية تستحق الإشادة و التقدير من الحميع .

Comments: 0