السلوك ضمن منظومة الأسرة
فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الإتصال البشري والإستراتيجي
المشرف العام على مجموعة حياتك أسهل
@dr_faisalkhaled
الأسرة عالم مصغر يحفل بالكثير من الأحداث والمزيد من الإثارة مع نمو هذه الأسرة ، ومع ذلك فهو عالم متغير متبدل تؤثر فيه العوامل الخارجية كما تؤثر عليه العوامل الداخلية ، والأسرة لا تعتمد في تركيبها على أفرادها فحسب ، بل أيضاً على شبكة منظومية متداخلة تجمع الجميع ضمن إطار تفاعلي حاضن يؤثر في الجميع ويحصر سلوكهم ضمن مداركهم الخاصة .
فالأسرة مهما بلغ حجمها فإن مبادئ التفاعل فيها تبقى ضمن قوانين وقواعد الحياة العامة ، ولا يمكنها الخروج عنها ، وسأخصص حديثي هنا عن المشكلة و الدور المنظومي في تشكلها .
تعتمد المشكلات داخل الأسرة على نمطية التفاعل الداخلي ومستوى ذلك التفاعل ونوعه ، وهذا يعطي خيارات لا محدودة من التأثيرات والنتائج ، وعلينا أن نعي مصادر السلوك ( المشكلة ) داخل المنظومة ، لأنه سيؤثر على بقية أفراد الأسرة بشكل أو بآخر مما يعني تغيراً شاملاً في تشكيل الخريطة السلوكية داخل الأسرة مع مرور الوقت .. ونرحب بهذا في تعزيز السلوك الإيجابي ، في حين أن تحديد المصدر مهم للقضاء على السلوك السلبي في مهده متى وجد .
ومن أبرز المخاطر السلوكية المؤثرة في منظومة الأسرة ، هو التجاهل أو التأجيل في معالجة مقدمات السلوك السلبي ، حيث يعني بناء تركيب منظومي أسري معقد ضمن سياق سلبي تصعب معالجته ، وعليه فإن التفاعل السريع في حينه هو من أبرز خصائص الأسر الناجحة ، حيث يرتبط الفعل برد الفعل في ذات السياق الزمني ، مغلقين الأبواب أمام أي عارض سلبي ممتد ضمن المنظومة ، وهذا السلوك التفاعلي الحي النشط ، يجدد حياة الأسرة كما يتجدد الماء في نهر جاري .
إن التفاعل السلوكي الحي الإيجابي يدعم النمو الفكري لأفراد الأسرة ويعزز الأخلاق ، ويساهم في بناء شخصيات فاعلة في عالمها الأكبر ( الحياة ) وينشط الذكاءات ، حيث يكون للحيوية العقلية والسلوكية ضمن الإتصال البشري أثره على أفراد الأسرة و بيئة هذه الأسرة ضمن المجتمع ونشاط هذا المجتمع في منظومة الجنس البشري على الكوكب .
الفرق بين الأسر الناجحة والأسر غير الناجحة يعتمد على طبيعة المنظومة الأسرية ومستوى الإيجابية فيها ، وسأبين الفرق بينهما :
من خصائص الأسرة ذات المنظومة السلبية :
١- تعتمد على الفردية الشخصية .
٢- تفتقر للتعاون المشترك .
٣- لا تدعم الحقوق وتهتم بالتهدئة الدائمة .
٤- تتجاهل الأحداث و أفرادها يتنصلون من المسؤوليات .
٥- بتعميم السرية على جوانب الحياة الفردية .
٦- إمكانية التخلي عن أي عضو من الأسرة .
٧- غياب الودية والتفاعل السلبي ضمن ردود أفعال عنيفة عند الخلاف .
٨- التعليم والتدريب الداخلي للنشئ ليس ضمن دور أفرادها .
٩- ربما افتقرت للقيادة ، وكانت تحت ظل قيادة دكتاتورية أو متراخية ، وكلى هاذين النمطين القياديين في السياق السلبي ستدعم تلك الخصائص العامة .
ونجد بأن هذه الأسرة غير قادرة على إنتاج أفراد فاعلين ، لأن منظومتها تعتمد أنماطاً سلوكية سلبية ، وتشكل بناءً أسرياً مختل التقاسيم . وتنمو فيها المشكلات كالفطر ويتمكن منها الصدأ حتى يطيح بها .
خصائص الأسرة ذات المنظومة الإيجابية :
١- تعتمد على المعرفة وتنمي المهارة الفردية .
٢- تعزز الإستقلال العقلي ضمن إطار الجماعة .
٣- تدعم التعاون وتعزز الأخلاق .
٤- تباشر المشكلات في حينها ضمن إطار تعاوني مشترك ، لحسم المواقف .
٥- تفعل دور الأسرة ضمن محيطها الإجتماعي .
٦- تعزز الطموح الفردي وتربطه بمنجزات الأسرة ، وتستثمره لتحسين حياة الآخرين .
٧- تساهم في دعم المخفق وتعزز عوامله النفسية الإيجابية للنهوض به ضمن الجماعة الأسرية .
٨- يشترك الجميع في رسم معالم حياة الأسرة المستقبلية ضمن لوحة الحياة .
٩- تتمتع بقيادة مرنة ومعززة للطموح وتمتلك رؤية واضحة لخلق واقع جميل ومشرق .
ونجد بأن هذه الأسرة تساهم في بناء أمة ، وتحقيق ريادة وتنتج أفراداً قادرين على البناء والإبداع والتطور الذاتي .
*مقال أرشيفي سبق نشره